للذكرى … بقلم الكاتب المبدع الأستاذ/ عبد الإله ماهل
للذكرى...
كانت مجرد جرعة بنزين، تجرعها على الريق كل فرد من أفراد الأسرة؛ لعلها تكون فاتحة خير عليهم، تنأى بهم مغبة ما ينتابهم من دوران وقيء أثناء ولوجهم لحافلات الحي المتهالكة.
تلقتها الأم من أحد الناصحين، وكأنها وجدت ضالتها، فلم تتردد وللحظة، وهرعت من توها؛ لتجلب البنزين من أقرب نقطة لإصلاح الدراجات.
وعلى عجل من أمرها، قامت بصبها، وبمقدار ربع كأس شاي دفعة واحدة في بطون، كانت تترصدها بلهفة.
وكأن بها سحر عجيب. لم يتأخر الرد، فالتجربة أتت أكلها؛ لا دوران ولا تقيء.
...غير أنه بعد حين، أدركت الأم هول ما أقدمت عليه؛ إذ وصل إلى علمها أن تلك المادة تعتبر من المواد المسرطنة.
فأصبحت المسكينة من ساعتها، تبيت وتصحو وعيناها على فلذات كبدها؛ تترقب نتيجة صنيعتها، والأسى يكاد يميتها، ولا سبيل لها درئا لسوءتها إلا التضرع إلى الله، ان يحفظ نسلها...
ولحسن الحظ مرت العاقبة هذه المرة بسلام.
مرت السنوات، وبات ما كان سرا حديث الأسرة. إذ أنه كلما لمهم الشمل إلا ويتجاذبون أطراف الحديث عنه؛ وكأن حال لسانهم يقول: ما لم يقتل يحيى ويسمن ويزيد مناعة على مناعة...
عبدالاله ماهل من المغرب

Comments
Post a Comment